البداية في شارع المعز لدين الله ليست مكانية فقط، وإنما زمنية أيضاً ونتابع السير حتي نصل إلى أهم أثر، وهو الثاني الذي يقابلنا عند دخولنا إلى الشارع من باب الفتوح الذي كان يمثل حدود القاهرة الشمالية، هو مسجد الحاكم بأمر الله، وهو أيضاً أقدم أثر في الشارع، وبقي مع الزمن.
أول ما يلفت نظرنا في مسجد الحاكم بأمر الله مئذنتاه اللتان شيدتا على شكل منارة الإسكندرية التي هدمهما الزلزال واندثرتا، كأن كل حجر منهما يمثل حدثاً تجمد من العصر البعيد تدركنا رهبة إذ ندخل إحداهما، حيث السلم الحلزوني، والذى تتميز درجاته بنقوش فاطمية تآكلت.
جامع الحاكم بأمر الله
بُني المسجد عام 380 هـ / 990 م في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي بدأ في بناءه سنة 379هـ / 989م، والذي توفى قبل اتمامه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ لذا نُسب إليه وصار يعرف بجامع الحاكم.
كان المسجد فى بادئ الأمر يقع خارج السور الشمالى المبنى بالطوب اللبن الذى بناه جوهر، إلا أنه أصبح داخله أيام الخليفة المستنصر باللّه، بعد أن قام وزيره بدر الجمالى بتوسيع القاهرة وأصبح السور الشمالى يلتصق تمامًا بالجدار الشمالى للجامع. يبلغ طول المسجد 120.5 متراً وعرضه 113 متراً وهو ثاني مساجد القاهرة أتساعاً بعد مسجد ابن طولون.
وتوجد بالجامع مئذنتان ويحيط بهما قاعدتان عظيمتان هـرميتان الشكل، تتركب كل قاعدة من مكعبين يعلو أحدهما الآخر والمكعب العلوى موضوع إلى الخلف قليلاً فوق السفلى ويبلغ ارتفاع الأخـير ارتفاع أسوار الجامع وتبرز من كل من المكعبين العلويين مئذنة مثمنة الشكل وفى منتصف هـذه الواجهة البحرية وبين المئذنتين يوجد مدخل الجامع الأثرى وهـو أول مدخل بارز بُني في جامع، يغطيه قبو اسطواني عرضه 3.48 متر وطوله 5.50 متر وفى نهايته باب عرضه 2.21 متر ومعقود بعقد أفقى من الحجر وهـذا العقد والحائط الموجود فيه حديثا البناء ويوجد في المدخل عن اليمين وعن اليسار بقايا نقوش بديعة ارتفاعها 1.60 متر.
يؤدى مدخل المسجد إلى الصحن الذى تحيط به الأواوين، وهـى على الترتيب التالى: الإيوان الجنوبي الشرقي (أيوان القبلة) ويتكون من خمسة أروقة ويقابله الإيوان الشمالى الغربى ويتكون من رواقين والإيوانات الشمالى الشرقي والجنوبي الغربي ويتكون كل منهما من ثلاثة أروقة، وتوجد في نهايتى حائط القبلة قبتين محمولتين على مثمن كما توجد قبة ثالثة فوق المحراب.
