أقلام ترافلابرز الموادتجارب

حسام زيدان يكتب: مشهد آل طباطبا

الدولة الإخشيدية في مصر بدأت كما بدأت الدولة الطولونية تقريبًا، هناك فوضى بالخلافة العباسية، وقد قتل الوزير العباس بن الحسن، والتحق محمد بن طغج الإخشيد بخدمة أبي العباس أحمد بن بسطام المسؤول عن خراج مصر.

وفي عام 296هـ، بعد وفاة ابن بسطام التحق طغج بخدمة ابنه أبي القاسم حتى عزله عام 300 هـ، فاتصل بوالي مصر العباسي وكان يدعى تكين، واشترك مع القوات العباسية، في صد الغزو الفاطمي، وأبلى محمد بن طغج بلاء حسن في التصدي للحملات الفاطمة على مصر، وبخاصة الحملة التي قادها القائد حباسة عام 302 هـ، وأبلى فيها بلاء حسن وقربه الوالي العباسي تكين.

[box type=”info” align=”aligncenter” class=”” width=””]بعد ذلك جعله تكين واليًا على الإسكندرية، ثم رافق طغج “تكين” إلى الشام وأبلى بلاء حسن في ميادين السياسة.[/box]

ثم لم يترك محمد بن طغج سبيلًا للوصول إلى ولاية مصر، وبعد وفاة تكين، وبعد أن فشل ابنه محمد في السيطرة على الأمور، تمت تولية محمد بن طغج الإخشيد على مصر عام 323هـ.

وجاء محمد بن طغج إلى مصر واستطاع القضاء على منافسيه، ودعم من موقفه العسكري والسياسي والاقتصادي فيها، واستطاع أن يحصل على ثقة الخلافة.

وكون الإخشيد جيشًا من 400 ألف مقاتل من أتراك وسودانيين ومغاربة وشكل فرقة مماليك لحراسته الخاصة، وتتابع الحكام على تلك الدولة وآخرهم عمليًا كافور الإخشيد، والذي بعد وفاته تولى أحمد بن على لمدة عام واحد وسقطت تلك الدولة عام 358هـ على يد الفاطميين.. لم تترك لنا الدولة الإخشيدية من العمائر سوى مقام واحد يقال له ضريح آل طباطبا.

هو أثر فريد من نوعه حيث أنه آخر آثار الدولة الإخشيدية، أنشأه الأمير محمد بن طغج الإخشيد، مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر، موقعه حاليًا شمال بحيرة عين الصيرة، بطريق مصر القديمة.

يضم الضريح رفات أبو إسحاق إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنهم زوج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأمه هي السيدة محسنة بنت عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

يتبع تصميم الضريح طراز الأروقة المتقاطعة، وهو يشبه تصميم مشهد السبعة والسبعين وليًا بأسوان، فهو مستطيل  طوله 30 مترًا، وعرضه 20، بطرفه الجنوبي قبتان، وإلى يسار المدخل حجرة مربعة مغطاة بقبة بها بئر كان يُغذى الضريح بالمياه، يتصل بها مبنى مستطيل مكون من ست حجرات صغيرة بعضها مربع والآخر مستطيل، المربعة منها مغطاة بأقبية متقاطعة وقباب، والمستطيلة مغطاة بأقبية.

مقابر عائلة طباطبا موجودة داخل الحجرات الست، وتتصل بالمسجد بواسطة باب في الجهة الغربية، أما المسجد الملحق بالمشهد فهو مربع الشكل، طول ضلعه 18 متر، تم بنائه من الطوب اللبن، وينقسم إلى ثلاثة أروقة مغطاة بتسع قباب فوق كل رواق ثلاث.

اشتهر أبو إسحاق إبراهيم بلقب “طباطبا” لأنه كان يلفظ القاف طاء، للثغة في لسانه، وعُرف إثر تكرار هذه الكلمة بـ “إبراهيم طباطبا”، وقد أتى “آل طباطبا” أحفاد الحسن إلى مصر منذ العهد الطولوني، وعاشوا فيها 9 أجيال متصلة، وكانوا أهل الزهد والعلم والإيمان، أحبهم أهل مصر، وأكثروا من زيارة ضريحهم.

وكان آل طباطبا، يقضون حوائج الناس، ويتشفعوا لدى الحكام، شمل أحمد ابن طولون آل طباطبا برعايته، وكذلك كافور الإخشيدي الذى أقسم ألا يرد طلبًا لأي منهم.

دُفن بهذا الضريح هم ذرية “إبراهيم طباطبا” وذرية أخيه، والكثير من أهل العلم والصلاح والتقوى من خارج أسرة طباطبا، منهم علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا، وأحمد بن علي بن الحسن بن طباطبا المتوفى سنة 325 هـجرية، وكان يسعى في قضاء حوائج الناس لدى أحمد بن طولون، وكذلك دفن فيه المؤرخ الشهير الحسن بن زولاق، وكذلك الإمام عبد الله بن أحمد بن طباطبا، وكانت تربطه علاقة وثيقة بكافور الإخشيدي، وعرف عبد الله “بصاحب السيادة”.

ضريح “آل طباطبا”، عرف بمشهد الأطباء عند أهل المنطقة، فقد كان به بئر مياه تشفى المرضى، وهناك رواية شعبية متداولة عن الضريح أنه كان مدفن لسبعة أطباء مشهورين، عاشوا في زمن الإمام الشافعي، ويقال عن البئر أنه كان يشفي الأمراض الجلدية فكان الناس يأتون له من كل مكان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Languages - لغات »