...
ابرز الموادتقاريرحول العالم

بلاد التنين و الرعد ….. أسعد الشعوب علي وجه الأرض

تعد مملكة بوتان، المعروفة بـ«بلاد التنين والرعد»، من أكثر الدول سرية على وجه الأرض،هي بلد غير ساحلي في جنوب أسيا، وتقع في الطرف الشرقي من جبال الهيمالايا. يحدها من الجنوب و الشرق و الغرب جمهورية الهند، و من الشمال دولة الصين.

وقد عرفت هذه الدولة – التي يقطنها 750 ألف مواطن – بسياساتها المبتكرة، والمتعلقة بالسعادة المحلية الإجمالية، على غرار الناتج المحلي الإجمالي، حيث تشتهر بأنها أرض يسود فيها الفرح، ويمنع دخول الحزن إليها، وذلك بسبب سياستها الحكومية، التي تعتمد على قياس مكونات السعادة القومية، من خلال مستوى الصحة، والتعليم، وحيوية المجتمع، وحماية الأرض والمحميات الطبيعية، وأيضاً من خلال فلسفتها الشعبية القائمة على التفكير في الموت .

فكر في الموت تسعد

فشعب البوتان، الذي يعد من أسعد الشعوب على وجه الأرض، دائم التفكير في موضوع الموت، حيث يفكر جميع أفراد المجتمع خمس دقائق على الأقل يومياً في الموت، ويعتقدون أن الخوف من الموت قبل تحقيق الأحلام المنشودة، أو رؤية الأبناء يكبرون يوماً بعد يوم، هو الشيء الذي يؤرق الحياة اليومية للناس، ويسبب لهم المتاعب .

وقد كتبت ليندا ليمنغ، مؤلفة كتاب «دليل ميداني للوصول إلى السعادة: ما تعلمته في بوتان عن الحياة والمحبة والصحوة»، في كتابها: «أدركت أن التفكير في الموت لا يجعلني مكتئبة، إنه يجعلني أغتنم كل فرصة، وأرى الأمور التي لم أكن لأراها عادة، أفضل نصيحة أقدمها هي: سافروا إلى هناك، تأمّلوا أمراً لا يمكن التفكير فيه، وهو ما يرعبك مرات عدة في اليوم». وتضيف: «نحن في الغرب نريد أن نعالج الأمر إذا انتابنا شعور بالحزن، إننا نهاب الأسى، ونراه أمراً يحتاج التغلب عليه إلى استخدام الأدوية، أما في مملكة بوتان فهناك تقبّل له، إنه جزء لا يتجزأ من الحياة».

السعادة القومية الإجمالية

عد بوتان أول دولة في العالم تعتمد مؤشر السعادة الوطنية لقياس الناتج القومي الإجمالي، وكان أول من صاغ عبارة «السعادة القومية الإجمالية» في عام 1971، هو الملك الرابع لمملكة بوتان، جيجمي سينجاي وانجتشوك، الذي شدد على أن «السعادة القومية الإجمالية هي أكثر أهمية من الناتج المحلي الإجمالي». هذا المفهوم يعني أن التنمية المستدامة ينبغي ألا ترتبط فقط بالمؤشرات الاقتصادية للرفاهية كمقياس للتقدم.

ومنذ ذلك الحين، أثر مفهوم «السعادة القومية الإجمالية» في سياسات بوتان الاقتصادية والاجتماعية، فيما هيمن أيضاً على خيال الآخرين خارج حدودها.

حظر التلفزيون و الإنترنت و السجائر

قامت بوتان بالمواءمة بين ثقافتها وتقاليدها القديمة مع عملية التحديث، تحت فلسفة توجيهية من مؤشر السعادة القومية، فحماية البيئة في البلاد أولوية قصوى، وهي بلاد قائمة على احترام الإنسان والحيوان والبيئة مطلقاً، لأن سكانها يعتبرون أن الإنسان يستمد طاقته من محيطه بما فيه من أنهار ووديان وبحيرات، لذلك تجد أن بوتان بلد صغير، ومن أشد البلدان نظافة في العالم، وعدد السيارات فيه لا يتجاوز200 سيارة، وفيه عدد لا يحصى من الشلالات والأنهار، ويعيش في بوتان واحد من أغرب الحيوانات وأشدها ندرة في العالم، هو «التاكين»، وهو من فصيلة البقر، وقد تصل عقوبة اصطياده إلى الإعدام.

من جانب آخر، تشير إحصاءات علماء البيئة والمحميات الطبيعية إلى أن نصف مساحة البلاد عبارة عن محمية طبيعية، حيث الحيوانات تسير في كل البلاد دون أن يتعرض لها أحد، ويقوم الأهالي بوضع قوالب من الملح، بالإضافة إلى بعض أنواع العلف أمام البيوت، كي تأكل حيوانات الغابة، كما أن أحد مظاهر الحفاظ على البيئة والصحة العامة، أنه في بوتان ممنوع التدخين في معظم مدن البلاد، ويمنع منعاً باتاً بيع السجائر، في حين يسمح للسائح بإحضار 100 سيجارة معه فقط، لكن يجب عليه بالمقابل دفع ضريبة تبلغ 200 ضعف ثمن السجائر .

ومنعت بوتان أيضاً دخول أجهزة التلفزيون والإنترنت والهاتف إلى البلاد، بهدف حماية الثقافة التقليدية من التأثيرات الخارجية. وفرضت السلطات أخيراً يوماً للمشاة كل خميس، بهدف منع حركة السير في المدن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Languages - لغات »