مقال
أخر الأخبار

حازم خطاب يكتب : دور الحكمة والنصيحة فى الحث على الزواج المبكر فى مصر الفرعونيه

 حازم خطاب صلاح عمر – معيد بقسم التاريخ – كلية الآداب – جامعة المنيا.

نظر المصرى القديم إلى الزواج على أنه رباط مقدس تشهده الناس، ويشهد عليه الإله، فلا بد أن يكون الزواج على أساس إختيار صالح حتى يستطيع كلا الطرفين العناية بالآخر، وتوفير جو من الحب حتى تنعم الأسرة بالسعادة، والإستقرار، كما أن الزواج فى مصر القديمة لم يتمسك بالفوارق الطبقية والعرقية الحادة فى شئون الزواج، وإنما كان التمايز بين الأسُر فى المجتمع على أسس إعتبارية من إختلاف الثقافة والإمكانيات المادية أكثر مما سواها.
ولقد كان المصرى القديم دائماً ما يحث على الزواج فى سن مبكر، إعتقاداً منهم أن ذلك من رضا الآلهة، حتى يكثر نسل أهل (كمت)، وحتى يستطيع الرجل أن يرى إبنه سنداً له فى فترة شبابه وريعان عمره، لذلك حث الكثير من الحكماء فى حكمتهم ونصائحهم بالزواج المبكر، ووضحوا ذلك فى كتابتهم، بالإضافة إلى توضيح علل الزواج المبكر وفوائده والحث علية، حيث كان يتزوج الرجل فى مصر القديمة فى سن الخامسة عشر من عمره، وتتزوج المرأة فى سن الثانية عشر من عمرها، وإليكم بعضً من الحكم والنصائح.
يقول الحكيم آنى الذى ينسب إلى بيت(نفر كارع نزى) الذى ينتسب إلى أواخر الدولة القديمة.
[إتخذ لنفسك زوجة وأنت صغير حتى تعطيك إبناً تقوم على تربيته وأنت فى شبابك، وتعيش حتى تراه وقد إشتد وأصبح رجلاً، إن السعيد من كثرت ناسه وأولاده].
ومن هذه النصيحة يتبين لنا أن المصرى القديم ربط سعادته بزواجه المبكر، حتى تكون لديه القدرة على تربيته، بالإضافة إلى توضيحة أن كثرة الأولاد هى أساس السعادة فى الدنيا.
 من تعاليم بتاح حتب وزير الملك إسيسى أحد ملوك الأسرة الخامسة:-
[إذا كنت رجلاً عاقلاً فلتتخذ لك زوجة فى شبابك، فذلك شيئ يسر الآلهة، وليكن لك ولد تقوم على تربيته، وليقتدى بك ويسير على منوالك، وليعمل كل ماهو طيب لأنه قطعة من نفسك وروحك، ولا ولاتجعل قلبك يجافيه، فإذا ركب رأسه، ولم يأبه لقواعد السلوك فقد بغى وتكلم بالإفك].
ونفسر من ذلك أن المصرى القديم قد وصف الرجل بالعقلانية من خلال الزواج، بل ووصف سر سعادة الآلهة بزواج رعيتهم فى وقت مبكر، وأن ينجب طفلا يرعاه رعاية طيبة حتى يسير على الطريق الصحيح القويم، وأن يكون حسن الخلق مثل أبيه.
يقول أيضاً:-
[خذ لنفسك زوجة، وإذا أردت أن تكون موفور الكرامة فى أى منزل تدخله، سواءً منزلاً عظيم، أو منزل أخ، أو صديق، فلا تنظر لنسائه، وأحبب زوجتك، وخذها بين ذراعيك، أشبع جوفها، أكس جسدها، إن الدهان هو علاج أعضائها، أفرح قلبها طول حياتك، لأنها مثل الحقل الذى يعود بالخير الوفير على صاحبة.]
مماسبق يتضح أن المصرى القديم ربط بين الزواج والكرامة، والغض من البصر والعفة، خاصةً عند دخول منازل الأصدقاء والإخوة، وهذا هو الخلق الحسن القويم، فيجب على المرء أن يكتفى بزوجته، وأن لاينظر إلى نساء غيره، وأن يقوم على رعاية زوجته والعمل على إسعادها طيلة حياته.
 من تعاليم نب كاورع إلى إبنه مرى كارع أحد حكام الأسرة الحادية عشر بإهناسيا:-
يقول: [إرفع من شأن الجيل الجديد، إن مجتمعك الناشئ مليئ بالشباب الذين هم فى سن العشرين فضاعف هذا الجيل الجديد، وزوده بالثروة والحقول والنساء].وفى هذه النصيحة ينصح الملك إبنة بالإهتمام بالشباب لأنهم قوام أى شعب، وأمة.

 إن المصرى القديم ضرب أروع الأمثلة فى جميع مجالات الحياة إنها حقاً من أفضل الحضارت التى جاءت على وجه الأرض، ومهما تحدثنا فى حقها فلن نسطيع أن نوفيها حقوقها، إنها الحضارة المصرية، حضارة العلم، الفكر، الثقافة، البناء، التعمير، إنها مصر.

المصدر
 حازم خطاب صلاح عمر - معيد بقسم التاريخ – كلية الآداب – جامعة المنيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Languages - لغات »